"لبنان في معركة متصاعدة ضد تفشي المخدرات"

 

في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تجتاح لبنان، تُكثّف السلطات اللبنانية جهودها لمكافحة ما بات يُعرف بـ"دورة المخدرات"، التي تهدد استقرار المجتمع وتشكل تهديدًا أمنيًا وصحيًا كبيرًا. وتشير التقارير الرسمية إلى ارتفاع ملحوظ في تعاطي وتهريب المواد المخدرة، لا سيما بين فئة الشباب، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى إطلاق حملات واسعة النطاق للتصدي لهذه الظاهرة.

وقد كشفت مصادر أمنية عن ضبط كميات كبيرة من الحشيش والكبتاغون والهيروين في مناطق متفرقة من البلاد، خصوصًا في البقاع الشمالي وجنوب لبنان، حيث تُعد هذه المناطق من أهم الممرات التي تُستخدم لتصنيع وتهريب المخدرات إلى دول عربية وأوروبية. وتمكّنت قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني خلال الأشهر الماضية من تفكيك شبكات تهريب معقدة، وتوقيف عشرات المتورطين، بينهم مهربون ومروجون وعناصر مرتبطة بجماعات مسلحة.

وأكدت وزارة الداخلية أن مكافحة المخدرات باتت أولوية وطنية، مشيرة إلى تنسيق أمني مستمر بين مختلف الأجهزة، إضافة إلى التعاون مع الشركاء الدوليين، خصوصًا من خلال التعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC). كما أطلقت وزارة الصحة حملات توعية في المدارس والجامعات للتحذير من أخطار تعاطي المخدرات، وسط دعوات لتعزيز برامج العلاج والتأهيل للمرضى المدمنين.

ويُنظر إلى هذه الجهود على أنها جزء من معركة أوسع ضد الانهيار الاجتماعي، حيث يرى مراقبون أن انتشار المخدرات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالفقر، وانهيار التعليم، وتفشي البطالة، خصوصًا بين الشباب. ويشير خبراء إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت بعض الفئات إلى الانخراط في تجارة المخدرات كمصدر للدخل، ما يُعقّد من مهمة السلطات في القضاء على هذه الظاهرة.

ورغم التقدم المحدود في مكافحة التهريب، يبقى التحدي الأكبر أمام الدولة هو معالجة الأسباب الجذرية لانتشار المخدرات، من خلال إصلاحات اقتصادية واجتماعية حقيقية، وتعزيز مؤسسات الدولة في المناطق النائية. كما تدعو منظمات حقوقية إلى تبني نهج توازني يجمع بين القمع الأمني والرعاية الصحية والاجتماعية، بدلًا من الاقتصار على الجانب الأمني فقط.

في الختام، تُعد مواجهة "دورة المخدرات" في لبنان واحدة من أبرز التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة الحرجة، وتتطلب استجابة شاملة ومستدامة، تجمع بين الجهد الأمني، والرعاية الصحية، وإعادة بناء الأمل لدى الشباب في مستقبل أفضل.