في واقعة نادرة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الاجتماعية والنفسية بالجزائر، كشفت تقارير إعلامية عن شابة جزائرية دخلت في حالة عزلة تامة عن العالم بعد فشلها في امتحان شهادة البكالوريا قبل 25 عامًا، حيث قررت حبس نفسها داخل غرفتها من دون مغادرتها المنزل، في خطوة صدمت عائلتها والمجتمع المحلي.
الواقعة وقعت في إحدى القرى النائية بولاية تيزي وزو، حيث أفادت مصادر محلية أن الفتاة، التي تُعرف باسم "نادية" (اسم مستعار)، كانت تُعدّ من المتفوقات دراسيًا، وكانت تطمح إلى مواصلة دراستها في كلية الطب. لكن فشلها في اجتياز امتحان البكالوريا في سنة 1999، بسبب ظروف نفسية وصحية وقتها، دفعها إلى الدخول في اكتئاب حاد، فقررت الانعزال التام عن العالم.
ووفق شهادات أفراد عائلتها، فإن نادية لم تغادر غرفتها منذ ذلك الحين، ورفضت أي تواصل مع المحيط الخارجي، بما في ذلك أفراد أسرتها، باستثناء والدتها التي كانت تُدخل لها الطعام وتُغيّر ملابسها بانتظام. وظلت العائلة تحاول علاجها نفسيًا، لكن دون جدوى، بسبب رفضها القاطع لأي تدخل طبي أو نفسي.
القصة انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، حيث تفاعل آلاف النشطاء مع الحالة، معبرين عن حزنهم وصدمة أمام ما وصفوه بـ"كارثة إنسانية". وتساءل كثيرون عن غياب الدعم النفسي والتربوي في المدارس، خصوصًا في المناطق النائية، مشيرين إلى أن مثل هذه الحالات قد تكون نتيجة لضغط الامتحانات وصعوبة تقبل الفشل في مجتمع يُعلي من شأن الشهادات.
وفي رد فعل رسمي، دعت جمعيات مدنية وخبراء نفسيون إلى فتح تحقيق في الحالة، وتقديم المساعدة العاجلة للشابة، مطالبين بضرورة إدراج التوجيه النفسي في المدارس، وتدريب المعلمين على التعامل مع حالات الضغط والقلق لدى التلاميذ.
الحالة أعادت طرح إشكالية "الفشل الدراسي" في المجتمع الجزائري، وتداعياته النفسية والاجتماعية، خصوصًا في ظل غياب آليات الدعم، وانتشار ثقافة "النجاح أو السقوط"، التي تُسهم في تدمير نفسيات الشباب، بدلًا من تشجيعهم على الاستمرار والمحاولة.
حتى اليوم، لا تزال نادية في عزلتها، لكن قصة معاناتها فتحت باب النقاش حول ضرورة التغيير في منظومة التعليم والصحة النفسية في الجزائر، كي لا تتكرر مآسي مماثلة في المستقبل.
