Ad Code

Responsive Advertisement

Ticker

6/recent/ticker-posts

رحلة صعبة نحو الحكم المحلي: انتخابات بلدية ليبيا بين الأمل والعراقيل


 


 شهدت ليبيا بداية متعثرة لسلسلة الانتخابات البلدية التي كان يُنظر إليها باعتبارها خطوة مهمة نحو الاستقرار السياسي وإعادة بناء المؤسسات المحلية، وذلك بسبب توترات أمنية وعراقيل لوجستية حالت دون إجراء الاقتراع في عدد من المدن الرئيسية.

وكان من المقرر أن تنطلق الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في 12 بلدية، من ضمنها مدن استراتيجية مثل سرت وسبها وترهونة، إلا أن مخاوف أمنية دفعت المفوضية العليا للانتخابات إلى تأجيل التصويت في عدة مناطق، خشية تجدد الاشتباكات المسلحة أو عرقلة العملية الانتخابية من قبل جماعات مسلحة.

في مدينة سرت، على سبيل المثال، انسحب عدد من المرشحين من السباق الانتخابي بعد تهديدات تلقّوها من مجموعات مسلحة محلية، فيما أُغلقت مراكز الاقتراع مؤقتًا بسبب انتشار غير معلن لعناصر مسلحة في محيطها. وفي سبها، جنوب البلاد، عبّر السكان عن قلقهم من تدخل الميليشيات في إدارة الشؤون المحلية، ما أثار مخاوف من تزوير النتائج أو فرض مرشحين بقوة السلاح.

وأكدت مصادر محلية أن غياب الدولة عن فرض الأمن في عدد من المناطق يُعد العائق الأكبر أمام إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقال نشطاء حقوقيون: "لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية ما دامت صناديق الاقتراع تُحاصر بالسلاح، ولا تزال الميليشيات تتحكم في مصير المواطنين".

من جهتها، أعلنت المفوضية الوطنية للانتخابات أنها تعمل على تأمين المراكز الانتخابية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لكنها اعترفت بصعوبة المهمة في ظل الانقسام السياسي والتوترات الأمنية المستمرة. وأشارت إلى أن تأجيل الانتخابات في بعض البلديات لا يعني إلغاءها، بل يهدف إلى ضمان سلامتها ونزاهتها.

ويرى مراقبون أن نجاح الانتخابات البلدية يُعد اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة الليبية على استعادة شرعيتها في نظر المواطنين، خصوصًا بعد سنوات من الفوضى والانقسام بين الحكومات المتنافسة في الشرق والغرب. ويعتبر البعض أن هذه الانتخابات قد تكون حجر الأساس في بناء ديمقراطية محلية تُمكّن المجتمعات من إدارة شؤونها بعيدًا عن التدخلات المركزية.

لكن مع استمرار التهديدات الأمنية وتضارب المصالح بين الأطراف المسلحة، يبقى مستقبل العملية الانتخابية في ليبيا معلقًا بين الأمل في التغيير والواقع المرير للانقسام والعنف.

وأمام هذا المشهد، تُطرح تساؤلات جوهرية: هل يمكن لليبيا أن تسير نحو الاستقرار عبر صناديق الاقتراع، أم أن السلاح سيظل يسبق الصوت النزيه للناخب؟

Ad Code

Responsive Advertisement