أعلنت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الخميس، انسحاب موسكو من عملية التحكيم الدولي المتعلقة باحتجاز سفن أوكرانية في مضيق كيرتش بالبحر الأسود في نوفمبر 2018، في خطوة تُعدّ تصعيداً جديداً في التوتر القانوني والسياسي المستمر بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، أن قرار الانسحاب يأتي "استناداً إلى انتهاك أوكرانيا للإطار القانوني الدولي المتفق عليه، واستغلالها للإجراءات التحكيمية لأغراض دعائية وسياسية"، مشيرة إلى أن روسيا لم تعد ترى في هذه العملية وسيلة حيادية أو فعالة لتسوية النزاع.
وتعود أحداث الحادثة إلى 25 نوفمبر 2018، عندما احتجزت القوات الروسية ثلاث سفن تابعة للبحرية الأوكرانية، إضافة إلى طاقمها المؤلف من 24 بحاراً، أثناء محاولتها العبور من البحر الأسود إلى بحر آزوف عبر مضيق كيرتش، الذي تسيطر عليه روسيا منذ ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014. واعتبرت موسكو أن السفن انتهكت المياه الإقليمية الروسية، بينما اعتبرت كييف الحادث "عدواناً بحرياً" وتقدّمت بشكوى إلى محكمة التحكيم الدائمة (PCA) في لاهاي بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS).
ومنذ ذلك الحين، جرت عدة جلسات تحكيم، وقررت المحكمة في 2019 إطلاق سراح السفن والبحارة، وهو ما لم تلتزم به روسيا بشكل كامل، حيث أُفرج عن البحارة لاحقاً، لكن السفن ظلت محتجزة لسنوات.
وأكدت الخارجية الروسية أن "الإجراءات التحكيمية فقدت شرعيتها من منظور موسكو"، مشيرة إلى أن أوكرانيا "استخدمت القضية كأداة للضغط السياسي، ورفضت الحوار المباشر لحل النزاع"، معتبرة أن التحكيم "أصبح أداة مسيّسة لا تعكس المبادئ العادلة للقانون الدولي".
وأثار القرار الروسي انتقادات من قبل أوكرانيا والمجتمع الدولي، حيث وصفت وزارة الخارجية الأوكرانية الخطوة بأنها "رفض صريح للقانون الدولي"، مؤكدة أنها "لن تتخلى عن مطالبتها بالعدالة وتعويض الأضرار".
ويُنظر إلى هذا التطور على أنه مؤشر على تفاقم الانقسام بين روسيا والغرب على خلفية الحرب المستمرة في أوكرانيا، حيث تواصل موسكو تقويض آليات التحكيم والمؤسسات الدولية التي ترى فيها تحيزاً ضدها.
ويُتوقع أن يُعيد هذا القرار طرح تساؤلات حول التزام روسيا بالمواثيق الدولية، ويُفاقم التوترات القانونية والبحرية في منطقة البحر الأسود، التي لا تزال تشهد تدابير أمنية مشددة من الجانبين.
