في ظل انتشار النزاعات المسلحة، والانهيار الأمني، وتزايد التطرف في مناطق متفرقة من العالم، أصبحت النساء والفتيات من أكثر الفئات ضعفًا وتعرضًا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. تُستخدم النساء كأدوات حرب، حيث يُستهدفن بالقتل العمد، والتعذيب، والاغتصاب الجماعي، والاختطاف، كوسيلة للإذلال، والانتقام، أو فرض السيطرة. ورغم ورود تقارير موثقة من منظمات حقوقية دولية ومحلية، يظل العالم صامتًا، بل وأحيانًا متواطئًا، أمام هذه الجرائم البشعة.
الاغتصاب كسلاح حرب:
في مناطق النزاع مثل دارفور (السودان)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وسوريا، واليمن، وغزة، أصبح الاغتصاب أداة منظمة تُستخدم لتدمير النسيج الاجتماعي، وإرهاب المجتمعات. تُوثق منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" حالات متكررة لاغتصاب جماعي تُرتكب بحق نساء بأيدي مسلحين من جماعات مسلحة أو قوات نظامية.
ففي دارفور، على سبيل المثال، لا تزال النساء يُخطفن ويُغتصبن على يد مليشيات "الجنود الجدد"، في حين تُرفض بلاغاتهن من قبل السلطات، وتُلقى باللوم عليهن. وفي الكونغو، تُعرف المنطقة بـ"عاصمة الاغتصاب في العالم"، حيث تُقدَّر أعداد الضحايا بعشرات الآلاف، ومع ذلك لم تُتخذ إجراءات جادة لمحاسبة المجرمين.
القتل والتنكيل:
لا تقتصر الجرائم على الاغتصاب، بل تمتد إلى قتل النساء بدم بارد، وذبحهن أمام أبنائهن، أو حرقهن أحياءً. في سوريا، رُصدت حالات قتل جماعي لنساء في مناطق مثل الغوطة وحلب، بينما كانت وسائل الإعلام والمجتمع الدولي مشغولة بتغطية المعارك السياسية. وفي اليمن، تُقتل النساء بسبب انتمائهن العائلي أو السياسي، وتُستهدف المنازل السكنية، مما يؤدي إلى مقتل العشرات من النساء والأطفال.
أما في أفغانستان، فقد عادت النساء إلى حافة الهاوية بعد عودة طالبان للسلطة، حيث تم تقييد حركتهن، ومنعهن من التعليم، وتعرض بعضهن للإعدام العلني أو القتل بسبب "السلوك غير الأخلاقي"، في انتهاك صارخ لكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
الصمت الدولي:
رغم توفر الأدلة، والفيديوهات، وشهادات الناجيات، يظل المجتمع الدولي صامتًا أو يكتفي بإصدار بيانات شجب لا تُرافقها إجراءات عملية. لا تُفرض عقوبات رادعة، ولا تُحيل المحكمة الجنائية الدولية سوى عدد محدود من القضايا، بينما تُواصل الجماعات المسلحة جرائمها بحرية.
الدول الكبرى، التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، تُفضّل حماية مصالحها السياسية والاقتصادية على حماية حياة النساء. ففي بعض الحالات، تُواصل هذه الدول دعم أنظمة أو جماعات متهمة بارتكاب انتهاكات صارخة، مقابل ضمان الاستقرار أو تأمين الموارد.
النساء الناجيات: صوت في الظلام
الناجيات من هذه الجرائم يعشن في عزلة، يُحرمن من العلاج النفسي، والرعاية الطبية، والعدالة. كثيرات يُرفض توظيفهن، أو يُطردن من مجتمعاتهن بسبب "العار" المفروض عليهن، رغم أنهن الضحايا. لا تُقدَّم لهن الحماية، ولا تُفتح لهن قنوات للإبلاغ، خوفًا من الانتقام.
توصيات:
- تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في جرائم العنف الجنسي ضد النساء في مناطق النزاع.
- محاسبة المجرمين عبر المحكمة الجنائية الدولية، دون إعفاء أي طرف من المسؤولية.
- تقديم الدعم الطبي والنفسي للناجيات، وضمان حمايتهن من التمييز والانتقام.
- فرض عقوبات مالية ودبلوماسية على الدول أو الجماعات التي تُستخدم فيها النساء كأدوات حرب.
- تمكين النساء في مناطق النزاع من المشاركة في عمليات السلام، واتخاذ القرار.
